تمثل البنية التحتية للإنترنت وتطبيقاتها مثل التجارة الالكترونية و البريد الالكتروني عصب الحياة في الوقت الراهن ولا يمكن للحكومات او المؤسسات التجارية وحتى الافراد الاستغناء عنها. وقد أدى التطور الهائل في تكنولوجيا المعلومات والذي يشمل تطبيقات الانترنت بأنواعها المختلفة وكذلك تطور المعدات المادية للحاسوب إلى عدم كفاية البنية التحتية للإنترنت الحالية لتلبية الاحتياجات المطلوبة منها. وتعتبر الحكومة الالكترونية واحدة من تطبيقات الانترنت الرئيسية إن لم تكن أهمها على الإطلاق، لذلك فإن البنية التحتية الحالية للإنترنت، والتي سنشير إليها بالأنترنت 1 لغرض التمييز، قد لا تصبح مناسبة لتطور تطبيقات الحكومة الالكترونية في المستقبل القريب، حيث من الضروري أن يتم الاستعداد إلى التحول المستقبلي إلى الانترنت 2. يهدف هذا المقال إلى توضيح ضرورة وحتمية هذا التحول لنجاح الحكومة الالكترونية وتطوير تطبيقاتها.
الانترنت 1
كان الهدف الرئيسي عند ابتكار الانترنت لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية في الستينات هو إيجاد نظام اتصالات فعال غير قابل للتأثر ولا يخضع لسيطرة قيادة مركزية واحدة في حالة تعرض الولايات المتحدة الأمريكية إلى ضربة عسكرية نووية من قبل الاتحاد السوفيتي إبان الحرب الباردة، لكن سرعان ما أدركت المؤسسات التعليمية والجامعات التي شاركت في بناء الانترنت أهمية الاستفادة من هذه التقنية في المجال العلمي والبحثي عن طريق ربط الجامعات الأمريكية ببعضها و حدث ذلك بالفعل وتم فصل المجال العسكري عن المجال التعليمي
والبحثي. وفي بداية التسعينات أتيحت الانترنت للأفراد و بدأت بذلك الثورة الحقيقية لعصر المعلوماتية والانترنت حيث بدأت تطبيقات الانترنت تتوسع لتلبي احتياجات الأفراد والمؤسسات ولم تعد الانترنت مقصورة على الولايات المتحدة الأمريكية فقط بل غطت كل أرجاء العالم.
إن تطور المجتمعات ورخص أجهزة الحاسوب وتنوع الأجهزة المتصلة بالإنترنت واستخدام التطبيقات المختلفة مثل التجارة الالكترونية والبريد الالكتروني بشكل يومي من قبل الافراد ادى الى ان تتطور هذه التطبيقات بصورة سريعة جدا. أصبحت الوسائط المتعددة تستخدم بشكل واسع وزاد حجم وكم البيانات بشكل هائل لم تعد معه البنيه التحتية الحالية للأنترنت قادرة على تلبية الاحتياجات خصوصا اذا اخذنا في الاعتبار العدد الهائل لمواقع الويب والاجهزة والتي لا يمكن ان يتوفر لها عناوين كافية باستخدام برتوكول اي بي الاصدار الرابع المستخدم في الانترنت 1.
عندما نقول إن الانترنت 1 لا يلبي احتياجات تطبيقات الانترنت المستقبلية - ان لم نقل الحالية - فإن هذا يشمل الحكومة الالكترونية التي توظف مختلف التطبيقات لأنها من المفروض ان توفر كل احتياجات المواطن من الحكومة التي تتحول الكترونيا يوما بعد يوم مما يحتم تطور الحكومة الالكترونية، بما يواكب تطور تطبيقات الانترنت الأخرى إن لم تسبقها.
الانترنت 2
يذكر موقع www.internet2.edu
وكذلك موسوعة ويكيبيديا بأن مشروع الانترنت 2 عبارة عن اتحاد من مؤسسات غير ربحية تترأسه أكثر من 180 جامعة أمريكية، إضافة إلى 60 شركة تجارية منها إنتل و آي بي إم و سسكو وغيرها من الشركات الرائدة. مهمة هذا الاتحاد هي ايجاد تطبيقات وتقنيات اتصالات متقدمة لتسريع تطوير الانترنت 2 ودمجها ضمن التطبيقات والبنية التحتية الحالية المستخدمة في الانترنت 1 تتكون البنية التحتية لمشروع الانترنت 2 اليوم من 28 محطة للربط البيني موزعة في الولايات المتحدة، وتتكون من مزودات وكوابل عالية السرعة لها سعة موجة تزيد حرفيا بألف مرة عن سعة الموجة المتاحة ضمن الانترنت 1. وتُدعى هذه النقاط جيجا بوبس حيث أن كلا منها يقدم سعة موجة تبلغ 2.4 جيجابايت في الثانية. وتشكل شبكة أبلين البنية التحتية الأساسية للإنترنت 2، وهي شبكة اتصالات تم تطويرها بالتعاون ما بين مشروع الانترنت 2 وشركات مثل كويست وسيسكو. كذلك يعد برتوكول اي بي الاصدار السادس أحد المميزات الرئيسية للأنترنت 2 والذي يستخدم 128 بت في ثمان خانات لاستيعاب الأعداد الهائلة من العناوين مقارنة مع الاصدار الرابع حيث
سيتم التغلب على مشكلة عدم توفر العناوين الكافية في الانترنت 1 للأجهزة والمواقع. لكن من الضروري ان نعلم ان شبكة الانترنت 2 ليست منفصلة عن شبكة الانترنت 1 وإنما هي تطوير لها.
3. الحكومة الالكترونية المستقبلية
يعني مصطلح الحكومة الالكترونية استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لدعم اعمال الجهات الحكومية وكذلك تقديم الخدمات الحيوية للمواطنين والتفاعل معهم. و هذه الخدمات تحتاج الى نظم معلومات متطورة وكفؤه لتتعامل مع الكم الهائل من البيانات الاخذة بالازدياد كذلك تحتاج الى بنية تحتية متطورة تلبي احتياجات المواطن بطريقة سلسة بعيداً عن التعقيد وذلك عن طريق توفير واجهات صديقة للمستخدم واستخدام الوسائط المتعددة مثل الفيديو والصوت والصورة لان الهدف الرئيسي للحكومة الالكترونية هو تسهيل حياة المواطن. لذلك لا يستبعد تقديم خدمات الحكومة الالكترونية المستقبلية الى المواطن عن طريق استخدام تقنيات متطورة جدا وتحتاج الى سرعة هائلة مثل تقنية التلفزة عالية الدقة او المختبرات الافتراضية والتطبيب عن بعد وغيرها والتي لا يمكن ان يتم تقديم مثل هذه الخدمات بالبنية التحتية الحالية الموجودة في الانترنت 1.
4. الاستنتاج
تمثل الحكومة الالكترونية الواجهة الرئيسية للدول والحكومات ويقاس رقي وتطور هذه الدول والحكومات وفق تطور واستخدام التكنولوجيا الحديثة. إن الانترنت 2 تمثل البنية التحتية القادمة للحكومة الالكترونية لأننا في عصر متسارع في كل شيء، حيث ان الهيئات والوزارات الحكومية وكذلك تطبيقات التجارة الالكترونية والتي تعتبر الحكومة الالكترونية احد فروعها الرئيسية آخذة بالتطور وبسرعة هائلة وكذلك زيادة تعقيد نظم المعلومات والاجهزة العائدة لها و لا ننسى ان عدد المواطنين الذين يستخدمون الحكومة الالكترونية آخذ بالارتفاع يوما بعد يوم، كل ذلك سيؤدي إلى عدم قدرة الانترنت 1 ببنيته التحتية الحالية على استيعاب التطور المتسارع ، لذلك سيكون التحول إلى الانترنت 2 حتميا لكي تبقى الحكومة الالكترونية مستمرة في تقديم خدماتها بكل كفاءة واقتدار والله ولي التوفيق.
* مجلة أي قل نعم للحكومة الالكترونية، العدد 25، مملكة البحرين، 21/12/2011